المقدّمة

المقدّمة

يجمع هذا الكتاب شيئاً يسيراً جداً من خوارق العادات التي أنعم بها الله على مشايخ الطريقة العَلِيّة القادِريّة الكَسْنَزانِيّة وأستاذها الغائب الحاضر السيد الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان الحسيني قدس الله سره العزيز. وهذه المجموعة المُختارة من الكرامات شهدها وكيل الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان في الهند في حينه، الخليفة عماد عبد الصمد، والخلفاء والدراويش الذين رافقوه في جولاته الإرشادية في ذلك البلد خلال الفترة 2011-2016. فحين كان الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان يرسل أحد خلفائه للدعوة إلى الله كان يبلغه بإن بركة مشايخ الطريقة، التي هي امتداد لبركة الرسول ﷺ، سترافقه وتُأيّده على شكل كرامات تبيّن للناس صدق دعوة الإرشاد وتطمئن قلوبهم بأن الطريقة الكَسْنَزانِيّة هي فعلا اتِّصال روحي بالرسول ﷺ.

أوصى الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان ووكيله العام في حينه وشيخ الطريقة الحاضر الشيخ شمس الدين مُحَمَّد نهرو الكَسْنَزان الخليفة عماد بتدوين كل ما يقوم به ويمّر عليه، لأنّه جزء من تاريخ الطريقة الكَسْنَزانيّة في الهند. وتوثّق اليوميات نشاطات الإرشاد التي قام بها الخليفة عماد ومن رافقه من خلفاء ومرشدي الطريقة في الهند، مثل المدن والقرى التي زاروها وعدد الناس الذين أخذوا بيعة الطريقة الكَسْنَزانيّة وأحياناً الصعوبات التي واجهوها. وأحياناً يرد ذكر كرامات شهدها الخلفاء والناس أثناء الإرشاد، فكانت هذه اليوميات هي المصدر الذي استخرجتُ منه معظم الكرامات في هذا الكتاب. كما أن هنالك عدد صغير منها رواها لي الخليفة مباشرة، أحياناً في وقت حصولها.

أعددت نصوص اليوميّات وحرّرتها ونقّحتها، وقابلت الخليفة عماد هاتفياً ووجهاً لوجه للاستفسار عن بعض التفاصيل. كما أجريتُ مقابلاتٍ هاتفية مع شهود عددٍ من هذه الكرامات من مرشدي الطريقة في الهند. وقام الخلفاء أيضا بتوثيق بعض هذه الكرامات بالصور والأفلام، وسجّلوا في بعض الحالات أفلاماً يتحدث فيها شخوص الكرامات عما حدث لهم.

لما كانت معظم الكرامات مُستقاة من اليوميات المدوَّنة المرويّة بصوت شاهدها الرئيس، أي الخليفة عماد، فقد كتبت الكرامات التي رواها لي مباشرة أيضاً بنفس الأسلوب. كان الخليفة يبلغ حضرة الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان بشكل شبه يومي بتفاصيل الإرشاد، بما في ذلك ما يقع من كرامات، ولذلك ترد أحياناً تعليقات لحضرة الشيخ على بعضٍ من خوارق الطريقة هذه.

لكي يكون توثيق كل الكرامات متناسقاً فقد ذكرتُ تاريخ حدوث كل كرامة ومكانها قبل ذكر تفاصليها. في معظم الحالات ذكرتُ اليوم والشهر والسنة، لأن هذه التواريخ مُدوَّنة في يوميات الخليفة. لكن هنالك بعض الكرامات التي لم أذكر تاريخها بالضبط، غالباً لأنه غير مُحَدَّد في اليوميات وأحياناً لأن المصدر الوحيد لتفاصيل هذه الكرامات هو مقابلات مع الخليفة تمت بعد وقت طويلٍ نسبياً من وقوعها. وعند ذكر المكان، حاولتُ قدر الإمكان ذكر اسم المدينة والولاية. ولكن هنالك كرامات لم أستطع تحديد مكان حدوثها بالضبط لأنها وقعت في قرى صغيرة لم ترد أسمائها في يوميات الخليفة المدوّنة لأنها غير معروفة أو لم يستطع الخليفة تذكّرها.

لقد جمعتُ في هذا الكتاب سبع وستّين شهادة لكرامات مختلفة، ولكن بعض هذه التقارير يتضمن أكثر من كرامة. فعلى سبيل المثال، هنالك تقرير واحد عن شِفاء عدد من المرضى بحُمّى الضَّنَك (dengue).[1] كما أن الكثير من هذه الكرامات تتضمن كلٌ منها أكثر من فعل خارق. فعلى سبيل المثال، هنالك كرامة شفاء مريض بحُمّى الضَّنَك بشربه لماء قرأ عليه الخليفة دعاءً خاصاً أجازه به حضرة الشيخ مُحَمَّد المُحَمَّد الكَسْنَزان. ولكن الخليفة كان في مدينة السليمانية في العراق حين قرأ الدعاء بينما كان قدح الماء في مدينة كَوْسَر نگر في بنگلور في الهند، والمسافة بين المدينتين هي أكثر من أربعة آلاف كيلومتر. والفعل الخارق الثالث في هذه الكرامة هو بدء الماء بالغليان حين بدأ الخليفة بقراءة الدعاء.

إن من الكرامات ما هي بسيطة في تفاصيلها، رغم أنها تبقى خارقة في طبيعتها طبعاً، كشِفاء مريضٍ من بعد أخذه لبيعة الطريقة. ولكن من الكرامات ما تتكوّن من تفاصيلٍ طويلة ومعقدة تنجلي تدريجياً على مرور أسابيع، مثل كرامة العثور على أرض تكية بنگلور وكرامة استلام الخليفة في المنام لرسائل تلفونية تأمره بالذهاب إلى مكان لا يعرفه.

لقد صنّفتُ الكرامات إلى مجاميع مختلفة وفقاً لوجه الإعجاز الرئيسي فيها، ووضعتُ كل مجموعة في فصلٍ خاصٍ بها. فمثلاً خصَّصتُ فصلاً لكل الكرامات التي تتضمن شفاءً خارقاً للأمراض. ولم أذكر أية كرامة في أكثر من مجموعة حتى إذا أحتوت على أكثر من وجه إعجاز تجنّباً للتكرار. ولتسهيل الإشارة إلى أية كرامة على وجه التحديد فقد رقّمت الكرامات بشكل تسلسلي ووضعتُ لكلٍ منها عنواناً فريداً يشير إلى الفعل الخارق للعادة الرئيسي الذي تتضمنه.

كما أضفتُ هوامشاً للتعريف بمصطلحاتٍ ومفاهيمٍ قد تكون غير مألوفة لدى بعض القراء.

[1] حُمّى الضَّنَك أو الدينگي، الذي هو اسمها الأنكليزي، هي مرض فايروسي ينتقل عن طريق نوع معين من البعوض وينتشر في المناطق المدارية وشبه المدارية، بما فيها الهند. من أعراضها الحمى والصداع وآلام المفاصل والطفح الجلدي. وفي حالات قليلة تتطوّر إلى ما تُعرَف بحُمّى «الضَّنَك النزفية» التي يمُكن أن تؤدي إلى الوفاة. لقد أشرنا إلى جميع الحالات التي يذكرها هذا الكتاب بحمى «الضَّنَك» من غير محاولة تمييز حالات «الضَّنَك النزفية» لأن الخليفة لم يكن يدقّق التقرير الطبي للمريض قبل علاجه، ولكن أعراض الكثير من المرضى أشارت إلى تفاقم المرض.