الفصل 3
الكشف عن معلومات خفيّة
تتضمن هذه المجموعة من الكرامات حالات كشف فيها مشايخ الطريقة للخليفة بشكل خارق عن معلومات ما كان له أن يعرفها. ولا يحدث الكشف باختيار وتوقيت من الخليفة ولكن وفقاً لأمر مشايخ الطريقة.
(24) أمنية درويش
التاريخ: 17/10/2012
المكان: كَوْسَر نگر – بنگلور – كارناتاكا
خرجتُ في جولة إرشادية أعطيت فيها البيعة لخمسة عشر شخصا. بعد عودتي إلى البيت وجدت رجلاً ذا لحية طويلة جداً يحمل عصاً بيده وعمره يناهز الثمانين عاماً ينتظرني، فسلمت عليه ودخلت داري، فدخل معي وقال بالأوردو: «أنا شيخ من الطريقة القادِريّة الجشتية وخليفة الطريقة السُهروردية، وقد قدمت إليك لأني سمعت أن لديكم ما ليس لدينا. لقد أخذ خليفة من طريقتنا السُهروردية منكم العهد وتبعكم، فجئت لأرى ما جعله يأتيكم ويتركنا». قلت له: «إن ما لدينا هو القرآن وسنة النبي ﷺ ولديكم نفس ذلك». فقال «نعم». قلت: «لدينا أوراد، ولديكم نفس ذلك». قال: «نعم». قلت: «لدينا غوث الخلائق وقطب الإرشاد[1] ووريث أهل البيت وسيدنا الگيلاني، وهذا ليس لديكم». فسألني عن دليلي على ما أقول. فقلت: «من يدعي شيئا ليس فيه فهو كذاب، فهل عندكم دليل على ما تدعي عن شيخك قبل أن أقدم لك الدليل على ما أقول؟». قال: «لا أعلم». قلت: «كيف لا تعلم هل شيخك غوث أم لا؟ خذ مثلاً أية كلية أو جامعة فإن وجدت فيها منهجاً متكاملاً وصحيحاً وأساتذة من العلماء علمت بأنها مؤسسة تعليمية جديرة بالثقة، وإلّا فلا تعترف بها»، فوافق على ما أقول. فاستطردت: «سأعطيك الدليل الآن. هل تعرفني من قبل؟»، فأجاب بالنفي. ثم سألته ثانية: «هل أعرفك؟»، فنفى مرّة أخرى. فقلت:
أستاذي غوث هذا العالم أبلغني الآن أنك تريد سبحة خضراء من حضرة الگيلاني وها هي السبحة.
فكلما أذهب إلى الهند للإرشاد آخذ معي مئات السبح التي أزور بها مقام الحضرة القادِريّة لمباركتها. فأجهش الرجل بالبكاء وأبكاني وقال: «لقد أصاب مريد السُهروردية الذي أخذ العهد باتباعكم، وأريد أنا أيضا أخذ عهدكم».
(25) سحر قاتل
التاريخ: 8/12/2012
المكان: تاميل نادوا
قررت الذهاب إلى قرية للإرشاد ولكن قبل أن أذهب شعرت بانقباض في صدري حتى وجدت صعوبة في التنفس، علماً بأني مستمر على ما أمَرَ به حضرة الشيخ من الأوراد والاستمداد. ففكرت بتأجيل الذهاب إلى القرية، وكنت أنا وكل الجماعة المكونة من اثنين وعشرين شخصاً في سلوك ورياضة. فقلت لمن سيجهّز الأكل في القرية بأن يصنعوا لي خبزاً وخياراً فقط لأني قادم إليهم للإرشاد لا الأكل. وعند وصولي جاءوا بزهور ليضعوها على رأسي، ولكني رأيت أكليل الورد على شكل أفعى كبيرة. فأوجست خيفة واستمدّيت بصوت عال من دون وعي قائِلاً: «يا شيخ محمد»، وألقيت بالورد على الأرض. فخرجت منه ديدان صغيرة بعدد شعر الرأس، أجسامها بيضاء ورؤوسها سوداء. أخافَ المنظر كل الحضور فطلبت منهم كنس المكان ليبرأ ونبدأ بالإرشاد، ولم أعِرْ الأمرَ أهميّة. أعطيت البيعة إلى ثمانية وعشرين شخصاً من ضمنهم اثنين من الهندوس، ثم عدت إلى البيت.
ثم اتَّصَل بي الرجل الذي أقام ذلك المجلس وطلب زيارتي في اليوم التالي بصحبة رجل لديه موضوع يود التحدث معي بشأنه، فرحّبت به. ولكنه اتَّصَل ثانية بعد قليل وقال: «لا أستطيع أن أصبر إلى يوم غدٍ يا خليفة، فالرجل الذي يريد أن يزورك عمل سحراً في الورد ليقتلك فوراً، لكن السحر انقلب عليه فآمَن، فهو يريد أن يتوب على يديك وتغفر له». قلت: ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (الزمر/53). طلب من معي أن أسأل الرجل حين يأتي عمن طلب منه صنع السحر، إلّا أنني قلت لهم بأن الله قد عفا عنه وانتهى الأمر. وجاء الرجل فعلاً، وكان هندوسياً ودخل الإسلام. وسمعت فيما بعد بأن جماعة من السلفيين علِموا بزيارتي للقرية هم الذين طلبوا منه صنع ذلك السحر.
(26) نساءٌ تاركات للصلاة
التاريخ: 2/1/2013
المكان: تاميل نادو
ذهبتُ إلى منطقة فيها أغلبية مسلمة ولكن بالاسم فقط، فجمعت الناس للإرشاد في بيت أحد المريدين. ثم دخلت عليَّ اثنتا عشرة امرأة مبرقعة، فانتابني شعور بعدم الراحة، فاستمدّيت من حضرة الشيخ. جلست النساء كل ستة على جانب. بعد المحاضرة ألقى حضرة الشيخ أمراً على قلبي فقلت لهنّ: «سـأكشف لكنّ أمراً فهل ستؤكدّن إن كان ما أقوله حقاً من غير حياء؟»، فلما أجبن بالإيجاب قلتُ:
اشهدوا عليّ أيها الحضور، إن هؤلاء النسوة لم يصلّين في حياتهن إلّا هاتان المرأتان، وقد توقّفت إحداهما عن صلاتها حالياً لسبب هي تعرفه.
وأشرت إلى المرآتين، فطأطأت جميع النساء رؤوسهن. فسأل أحد الحضور النساء إن كان كلامي صحيحاً، فأجبن بالايجاب. ثم قالت إحداهن بأنها التي تركت صلاتها منذ بضعة أيام لسبب وقتي، وقالت بأنها تعاهد على التوبة. فأخذت جميع النساء الإثنتا عشرة العهد، إضافة إلى تسعة رجال من الحاضرين.
(27) رجل نجس
التاريخ: 11/9/2013
المكان: كَوْسَر نگر – بنگلور – كارناتاكا
اتَّصَل مرشد نشيط اسمه رفيق أحمد وقال سآتي بصحبة رجلين مسلمين ليأخذا البيعة. فانتظرتهم في دار الخليفة عبد البشير الذي أسكن عنده في الطابق العلوي. وبينما أنا جالس وبدون إنذار مسبق كشف حضرة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان لي الغطاء عن بصيرتي فرأيت بعين قلبي لا بعين رأسي بأن أحد اللذين سيأتيان مع المرشد نجس، فوجدت نفسي أقف بشكل لا إرادي وأقول بصوت عالٍ: «رفيق أحمد، هذا نجس، فلماذا تأتي به إليّ؟ أبعده عني»، ثم جلست. وشهد هذه الواقعة الخليفان عبد البشير وجعفر. ثم وصل المرشد وكان معه رجل واحد فقط اسمه محمد نصير، فطلبت من جليسي أن يسألاه عن الرجل الآخر، فقال:
عندما كنا على وشك أن نستقل الروكشو قال الرجل الآخر فجأة: «أنا نجس، أنا نجس، فلا أستطيع أن آتي معكم خشية أن يكشفني الشيخ (يقصدني أنا)».
فذُهِلَ الخليفة جعفر وأخبرهم بما قال الخليفة قبل ساعة. تعجب الرجل المرافق لرفيق أحمد وقال: «كنت في شك من قصة سارية وسيدنا عمر،[2] لكني الآن أصدّقها، وسأخذ البيعة من هذا الرجل». فقبَّلَ يدي وقدمي وأخذ البيعة.
(28) مُدَّعٍ للمشيخة
التاريخ: 27/11/2013
المكان: رايچور – كارناتاكا
بعد أن أكملت إرشاد مجموعة من الناس قدم لي رجل بدين اسمه «كليم اللَّه خان» ومعه شاب معوق، فأنقبض صدري حالما رأيته فطلبت المدد من حضرة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان. بدأ كليم اللَّه بسؤالي بالعربية عن اسمي، فقلت: «عماد الدين، خليفة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان». ثم أعطاني هويته، فهو نائب ضابط متقاعد والآن لديه محل دلالة عقارات كبير في ريچور ولكن أصله من ݘناي، وقال بأنه كان عضو مجلس وطني. ثم قال بأنه قد سمع عني فجاء لأن لديه بعض الأسئلة. قلت له بأن يسأل ما يشاء، فبدء بالسؤال عن معنى كلمة «كسنزان». بعد أن أجبته سألني عن أصل طريقتنا وسبب مجيئي لإرشاد المسلمين، فأجبته بأنني لا استهدف المسلمين خاصة لكن هذه المنطقة فيها مسلمين، وأن كثير من الهندوس أسلموا بحمد اللَّه، وقلت له بأنه يستطيع ان يتأكد من رجل كان معي كان هندوسيا قبل أن يسلم قبل حوالي ساعة، فتعجب.
ثم سأل عن سلسلة النسب والطريقة، فأعطيته نسخة. فسألني إن كان اسمي فيها، فأجبت بالنفي وشرحت له بأنني مجرّد خليفة. فأخرج من جيبه سلسلة مطبوعة فإذا هو أحد خلفاء الطريقة القادِريّة الجشتية، واسمه فيها، حيث كان أحد خلفاء الشيخ ناصر القادري البغدادي. حين قلت له بأنه خليفة، أصرّ بأنه شيخ، فأعدت قولي له بأني مجرد خادم للطريقة ولحضرة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان.
بعد أن سألني أسئلة أخرى، شعرت فجأة بنوع من الانزعاج لا أدري سببه فقلت له: «لقد سألتني الكثير من الأسئلة، وأنا سأسألك سؤالاً واحداً». حين قلت ذلك لم يكن في الحقيقة في بالي أي سؤال محدّد، ولكني وجدت نفسي أقف وأقول بصوت أجش عالٍ بعض الشيء:
ما معنى الآية الكريمة التالية على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ؟﴾ (الصافت/102).
فإذا بالرجل يرتجف ويصدر صوتا عاليا من دبرهِ، فأندهش الحضور، فيما أصابني أنا الذهول. فعدت عليه السؤال علّني أستر عليه ما بدر منه، فإذا بالصوت يتكرر مرة أخرى بل وتغوّط على نفسه حتى ظهرت آثار القذارة على ملابسه وانتشرت في المكان رائحة قبيحة. فَسَجَد وقال: «اغفر لي لأجل الله فقد تجاوزت حدودي، وسأذهب لحضرة الگيلاني واستغفر اللَّه، وإن لا يغفر لي فسأنتحر». قلت له: «خذ البيعة وتب إلى اللَّه، وابدأ بالأوراد وهذا يكفي». فأخذ البيعة من بعد أن خلع ملابسه التي تقذَّرَت وبقي بالقميص الطويل وتوضأ.
(29) عائلة جاءت لإختبار الخليفة
التاريخ: 2014
المكان: كاناكا نگر – بنگلور – كارناتاكا
عدت في يوم من الإرشاد لأجد في انتظاري ثلاث عوائل. فسلّمت عليهم ودخلت البيت فتبعوني يريدون تقبيل يدي، فاعتذرت منهم لأنني منهك. أحيانا كنت أخرج من الفجر للإرشاد وقد تستغرق الجولة الإرشادية يومين أو ثلاثة. فجلست على كرسيي بينما جلسوا هم على شكل نصف حلقة. كنتُ محنياً رأسي وفي رابطة مع شيخي، فشعرت على يساري بوجود مروحة منضدية تدور وتأتي بالهواء كلما استدارت باتجاهي. ففكرت بأنه ليس هنالك مروحة في المكان وتساءلت عمن يمكن أن يكون قد جلبها بهذه السرعة. ففتحت عيني ورفعت رأسي ببطئ ونظرت يساراً فلم أجد مروحة، ولكن ملأ رأسي صوت حضرة الشيخ قدس الله سره العزيز يقول لي:
على يمينك رجل قد جاء ليختبرك، لا تخف منه فأنا معك. والتي بجانبه هي أمه وهي تشكو من مرض في رجليها، ودواءها هو ما يلي (ووصفه لي). والتي بجانب المرأة الكبيرة هي زوجته، وهي تشكو من ألم في أذنها اليمين ودواءها هو ما يلي (ووصفه لي)، فأبدأ بالكلام معهم.
كانت المرأتان مبرقعتين. فألتفتُّ إلى الرجل وسلمت عليه وسألته عن اسمه فأجاب: «وزير». فسألته عن عمله فقال بأنه تاجر أخشاب. فقلت: «ما شاء الله. هل التي بجانبك أمك؟»، قال: «نعم». قلت: «هل التي بجانبها زوجتك؟»، قال: «نعم». قلت: «هل تشكو أمك من ألم من ركبتيها إلى أقدامها؟ فلتقم باستخدام العلاج التالي (ووصفت ما ذكره لي حضرة الشيخ). وتلك زوجتك تشكو من أذنها اليمين، فلتستخدم العلاج التالي (ووصفت ما ذكره لي حضرة الشيخ)». عندئذ شهق بالبكاء وألقى بنفسه على قدمي. فاستطردت: «إضافة إلى هذا، فإنك قد أتيت لتختبرني». فقال: «أقسم بالله العظيم أن الأمر كما قلت بالضبط. كانت نيتي أن اختبرك أمام أمي وزوجتي». وأصبح وزير يدي اليمين في بنگلور.
(30) كشف عن جهل إمام مسجد وبطل صلاة أحد المصلّين
التاريخ: 27/4/2015
المكان: سيلَمپور – دلهي
ذهبتُ للصلاة في جامع اسمه «غوسية مسجد» دعاني إليه أحد المصلّين لأتحدّث للناس عن الطريقة. كان المسجد تابعاً لجماعة «أحمد رضا خان بَرَلوي» (ت 1921)، الشيخ الصوفي الذي له أتباع كثيرون في شبه القارة الهندية. وبعد صلاة العصر، أعطاني إمام وخطيب الجامع الفرصة للتحدّث للمصلّين. فوقفت أمام المايكرفون واستمدّيت من حضرة الشيخ، ولكن قبل أن أبدأ بالحديث بدا لي ثلاثة من الرجال الحضور برؤوس حمير! ثم ألقى حضرة الشيخ على قلبي أمراً، فسألت أحدهم إن كان قد صلّى العصر معنا، فأجاب بالايجاب. فطلبت منه أن ينهض ويقسم على المصحف بأنه كان على وضوء تام حين شارك في الصلاة، فقام وطأطأ رأسه وقال بأنه قد نسي وأنه ظنَّ خطأً بأنه كان على وضوء. فبدأ الحضور بالتكبير تأثراً بالكرامة التي شهدوها. ثم أردت أن أكشف أمراً عن الرجل الثاني، ولكن حضرة الشيخ لجم لساني، ووجدت نفسي أتحدّث عن كرامات حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني، وشعرت بروحانية تعمّ جو المسجد.
ثم ألقى حضرة الشيخ على قلبي أن أسأل إمام وخطيب الجامع عمّا يعرف عن معركة الجمل، فإذا بالخطيب يقول بأنها حادثة تكلّم عنها النبي ﷺ حيث أمر المسلمين أن لا يعبدوا الجمل بعده! فلم أستطع منع نفسي من الضحك، ونبّهت الإمام إلى جهله بالرغم من موقعه التثقيفي للناس، ثم شرحت له وللحضور أسباب وتفاصيل ونتائج معركة الجمل. بعد انتهائي انتقد المصلّون إمام الجامع على جهله وأخذ ثمانية وستون رجلاً البيعة.
(31) معارضٌ للاحتفال بالمولد النبوي الشريف
التاريخ: 20/5/2015
المكان: سيلَمپور – دلهي
اجتمع لدي اثنا عشر رجلاً هم ثلاثة علماء ومؤذِّنَين وسبعة أمناء مسجد. وبدأوا بالأسئلة التشكيكية المعهودة حتى سألني أحدهم عن الاحتفال بمولد الرسول ﷺ محاججاً بتحريمه. فألقى حضرة الشيخ على قلبي أمراً أضحكني وأضحك الجميع. قلت لهذا الرجل: «هل أعرفك؟»، فأجاب بالنفي، فقلت له: «كم طفل لديك؟»، فأجاب: «ولد واحد اسمه «عبد العزيز»». سألته عن عمره، فقال بأنه أكمل عامه الأول قبل خمسة ايام. قلت له: «مبارك عليكم يا أخي. هل صنعت له أمه حفلة ميلاد وغنّت له «هابي برث داي»؟»، فأجاب بالإيجاب، فقلت له: «كيف تبرّر يا عالِم تحليلك للاحتفال بولادة طفل عادي وتحريمك على الناس الاحتفال بمولد من أنقذ العالم من شؤم الظلالة وظلام الجهل؟». فتساءل مندهشاً عن الذي جعلني أسأله عن ابنه، فأجبته: «إن الذي أرسلني إليكم، أستاذي حضرة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان، هو الذي أخبرني». وبعد ثلاث ساعات من النقاش أخذ أحد عشر رجل البيعة، فيما قال الآخر بأنه قد أخذ بيعة طريقة أخرى في الماضي.
(32) قارئ قرآن غير متطهّر
التاريخ: 27/5/2015
المكان: جَيبور
دُعيتُ من قِبَل مُفتي كنت قد أعطيته طريقة إلى مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم اسمها «حنفيّة مدرسة»، ولكنه طلب مني أن لا أتحدّث عن أمور الطريقة بسبب عقلية الناس في المدرسة. بعد أن قابلت الطلاب سألني أحدهم من ورقة كانت بيده فيها مجموعة من الأسئلة:
كيف تقولون بأن النبي ﷺ نور بينما يقول الله في كتابه الكريم: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (النحل/110)؟
فأنتقدت فهمه لكلمة ﴿مِّثْلُكُمْ﴾ قائِلاً:
أستغفر الله، هل أنت ترى من خلفك مثلما ترى من أمامك؟
هذه الحجة هي إشارة إلى الحقيقة المدوَّنة في السيرة وهي أنه ﷺ كان يرى من خلفه مثلما يرى من أمامه. ثم استمريت في محاججة هذا المُشكِّك في نور النبي ﷺ حتى فضحته قائِلاً:
قم واقسم امام الجميع أنك على وضوء وأنك لا تنام على جنابة! قم الأن واقسم إن استطعت!
فلم يجب بحرف من بعد أن أخزاه الله تعالى فطوى ورقته ووضعها في جيبه وطأطأ رأسه. ثم استمريت في الإرشاد وتحدّثت عن الطريقة فأخذ خمسون رجلاً البيعة، وأثنى المفتي على الإرشاد بعد أن كان متوجساً من ردة فعل الحضور.
(33) رجل منغمس في الموبقات
التاريخ: 22/5/2016
المكان: كاناكا نگر – بنگلور – كارناتاكا
طلبتُ من الخليفة زكريا ودرويشة كبيرة السن أن يجهزا مجلساً للإرشاد ويدعا إليه الناس، فأعطيت خمسة عشر شخصا البيعة. وخلال إرشادي للرجال، جاء رجلان وجلسا مع الحضور، وكان أحدهما قد أخذ البيعة قبل بضعة شهور. حين نظرت إلى الرجل الثاني، وكان يلبس منديلاً أبيضاً على رأسه وعلمت فيما بعد بأن اسمه «مُحَمَّد عمران»، أحسست وكأن نار أخذت تشتعل في صدري، فاستمدّيت من حضرة الشيخ واستمريت بالارشاد، ولكن بقيت أنظر إليه بين حين وآخر.
بعد أن أكملت إرشاد الرجال، طلبت منهم ترك الغرفة لكي تأتي النساء لأرشدهنَّ، حيث لم يكن المكان يتّسع للجميع. فبدأ الرجال بمغادرة الغرفة والوقوف خارجها لتوديعي قبل أن أغادر المكان بعد أن أكمل إرشاد النساء. فطلبت من الرجلين المذكورين أن يبقيا في الغرفة لأني أردت التحدّث معهما فيما بعد، وأجلستهما في زاوية بعيدة عن النساء.
بعد أن أكملت الحديث إلى النساء جلسن جانباً في الغرفة، فطلبت من مُحَمَّد عمران أن يأتي قريباً مني. فلما أخذ بالاقتراب كشف لي حضرة الشيخ معلومات عنه، فسألته: «هل قمت قبل بضعة أيام بعمل سحر لفتاة تريد الزواج منها لأن هنالك عراقيل تواجه الزواج»؟ فأوطأ الرجل رأسه. ثم استطردت قائلاً: «هل شربت الخمر وعاشرت النساء حراماً قبل أسبوع»؟ ثم قلت له إذا كان كلامي هذا غير صحيح فليقل للحضور بأني أكذب، فهزّ الرجل رأسه موافقاً وأعترف بصحة ما قلت. ثم سألته: «هل لديك صديق اسمه «نوّاف» أو «نوّاب»»؟ فأخذ بالنحيب من التأثّر وقال بأن الرجل الذي جاء معه هو «نوّاب».
ثم سألته عن عمل ذلك الصديق، فأجاب بأنه خياط. فسألته إن كان هو هو الذي قام معه بتلك المعاصي، فأكد عمران ذلك. أراد نوّاب التقدّم ليقبّل قدمي فمنعته وقلت له بأنه إن كان يريد التوبة فعليه أن يغتسل أولاً ثم يأخذ البيعة. وبعد أن أغتسل وتوضأ أخذ البيعة، كما قام عمران بتجديد البيعة على يدي. أثناء إعطائي البيعة لنوّاب، اضطررت إلى تغطية أنفي لأني كنت أشمّ منه رائحة كريهة، رائحة الزنا والحرام.
(34) امرأة لديها ألم في سنّها
التاريخ: 19/6/2016
المكان: راياكوتا – تاميل نادو
قبل خروجي في جولة إرشادية أخبرت خلفاءً يرافقوني بأن مشايخ الطريقة أروني امرأة قصيرة سوداء الشعر وأمروني بأن أعطيها إجازة الإرشاد. وفي الجولة الإرشادية كنت أعطي محاضرة حين ألقى حضرة الشيخ على قلبي أن أسأل سؤالاً معيناً. بعد المحاضرة، أخذ حوالي مئة شخص البيعة. بعد ذلك خاطبت الحضور قائلا: «هنالك بين الحضور امرأة أصابها قبل يومين ألم شديد في السن أفقدها صوابها وطلبت من حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني أن يشفيها، فمن هي؟». فقامت امرأة مذهولة وقالت بأنها المقصودة وسألتني كيف عرفت. فلمّا نظرت إليها عرفت بأنها نفس المرأة التي شاهدها في الرؤيا. فأجبتها: «إن أستاذي، وارث الشيخ عبد القادر الگيلاني، هو الذي أبلغني». فأجابت المرأة: «لقد صدقت في قولك. قبل يومين حدث لدي ألم شديد في أحد أسناني، ولما كنت صائمة رمضان، دعوت الله وطلبت من النبي ﷺ وتوسّلت بالشيخ عبد القادر الگيلاني أن يتوقّف الألم كي لا اضطر إلى الإفطار». ثم قالت المرأة بأنها تريد الآن أن تكرّس جزءاً من بيتها ليكون تكية للنساء.
(35) رصيد الهاتف
التاريخ: 11/7/2016
المكان: كانكا نگر – بنگلور – كارناتاكا
طلبت من الخليفة إعجاز أن يأتي إلى بنگلور لأعطيه لوحة جداريّة للتكية في ميسور ولأوجّهه بشأن برنامج زيارة إرشادية لي لميسور بعد أسبوعين. وبينما كان إعجاز يتناول طعام الغذاء، ألقى حضرة الشيخ على قلبي أن أضع له رصيداً في هاتفه، فطلبت من درويش آخر أن يشتري نيابة عني لإعجاز رصيداً بمبلغ خمسمئة روبية، وهو مبلغ كبير نسبياً.
بعد انتهاء إعجاز من الطعام طلبت منه أن يتّصل برجل معيّن ليبلّغه تهنئتي له بمناسبة عيد الفطر. أجاب إعجاز بأنه كان يفكّر بأن يتّصل بأهله ليرسلوا له رصيداً لهاتفه، فقلت له: «لقد وضع المشايخ لك رصيداً في هاتفك»، فتعجّب مما سمع وفتح هاتفه فرأى فعلاً فيه رصيد. فسألني مذهولاً عمّا حدث، فأخبرته بأن حضرة الشيخ ألقى على قلبه بأن هاتفه لم يكن فيه رصيد. فدمعت عيناه وقال بأن من يعرف بأن هاتفه بلا رصيد لا ريب يعرف كل احتياجاته، وسجد شكراً لله وحمداً.
(36) مريدة مريضة تطلب الدعاء
التاريخ: 24/7/2016
المكان: كانكا نگر – بنگلور – كارناتاكا
أتصلتُ بالمرشد آصف وطلبت منه أن يأتي لزيارتي بعد أن ينتهي من عمله. فلما جاء ملأت نصف قنينة بالماء وقرأت عليه دعاءً ثم أعطيته أياه وطلبت منه أن يأخذه إلى أم المرشد فيروز. فوضع آصف يده على رأسه مذهولاً وقال: «لقد اتّصل بي فيروز وطلب مني أن أطلب منك ماءً تقرأ عليه الدعاء لأمّه المريضة، ولكني نسيت أن أخبرك»! فقلت له بأن لا ضير من نسيانه فإن حضرة الشيخ قد أخبرني بحاجتها. وأعطيته بعضاً من طعامي أيضاً ليأخذه إليها.
(37) أربع كرامات
التاريخ: 16/8/2016
المكان: رايچور – كارناتاكا
أثناء زيارة إلى رايچور للتخطيط لبناء تكية، بعد أن أكملت أشغالي يوماً وقبل العودة إلى الفندق طلب مني درويش أخذ البيعة في ذلك اليوم أن أزور بيته لأرى أخته المريضة التي تعاني منذ أكثر من عام من آلام في المفاصل يمنعها من الوقوف على قديمها، وقد فشل الأطباء في تشخيص علّتها. حين استقلّينا السيّارة للذهاب لرؤية المريضة، استمدّيت من حضرة الشيخ بنيّة الزيارة، فإذا بي أشمُّ رائحة «كربچنة»، وهي القرية التي عاش فيها مشايخ الطريقة الكَسْنَزانِيّة وولد فيها حضرة الشيخ مُحَمَّد الكَسْنَزان. فبلّغت الدرويشين اللذين رافقاني من بنگلور بما حدث وبَشَّرتُهم بأن هذا يعني بأنه ستحصل كرامات.
حين دخلت إلى البيت سألت ربه عن عدد الأشخاص فيه، فأجاب بأنهم خمسة، هو وأربعة نساء. فقلت له: «أولاً، أنت الوحيد الذي يصلّي في البيت. فرغم أن النساء محجّبات فإنهنَّ لا يصلين»، فأكد الرجل صحة ما ألقاه حضرة الشيخ على قلبي. ثم أشرت إلى إحدى النساء وسألته إن كانت هي المريضة، فأجاب إيجاباً. فسألته عن مرضها، فأجاب بأن لديها آلام في جسمها وحُمّى، ولكن الإطباء لم يستطيعوا أن يجدوا علةً فيها. فقلت له: «لقد أكلت هذا المرأة من بقرة كانت ترعى سوية مع خنازير»، فأحنى الرجل رأسه وبدأ بالبكاء وقال بأن أضحية العام الماضي كانت ملك رجل كان يأخذها لترعى في مكان ذي عشب ترعى فيه أيضاً خنازير لكي تسمن، وقد أعطاه كمّيّة كبيرة من لحوم الأضحية. فأبكتني هذه الكرامة أنا أيضاً، وقلت لهم بأنهم يجب أن يتوبوا، ويأخذوا الطريقة، ويمتنعوا عن أكل اللحوم لوجود الكثير من الخنازير في تلك المنطقة.
في هذه الأثناء سمع أناس من المنطقة بما حدث في ذلك البيت وبدأوا يأتون لرؤيتي وجلب مرضاهم. فشاهدتُ رجلاً يلبس عمامة تشبه عمامة الشيخ حُسَين الكَسْنَزان يأتي ويقف مع الناس، وحالما رأيته شممتُ مرّة أخرى رائحة كربچنة. ثم تغيّر شكل الرجل تدريجياً حتى أصبح يشبه السلطان حسين الكَسْنَزان. ثم أشار إلى رجل من الحضور معه طفل مريض عقلياً وكشف لي معلوماتٍ عنه.
فسألت الرجل إن كان قد شرب الخمر في السابق، فأنكر، فأعدت قولي ولكنه بقي ينكر، فتحدّيته بأن يرفع يديه ويقسم بأنه لم يشرب الخمر، فحينئذ اعترف بتناوله له في الماضي. فقلت له: «لقد واقعت امرأتك وأنت سكران، وكانت ثمرة ذلك الحمل هذا الطفل الذي معك. إذا كان كلامي غير صحيح فقل ذلك للحضور»، فبكى الرجل مؤكّداً صحّة ما قلته وبكى كثير من الحضور تأثّراً بالكرامة التي شهدوها. فسأل عما يجب عليه أن يفعله الآن، فقلت له بأن يتوب إلى الله ويأخذ الطريقة، فأخذ هو وابنه البيعة.
أثناء إرشادي للناس كنت أتحدّث عن الصلاة حين دخل رجل عرفت بأنه سلفي. وقف هذا جانباً ينصت للكلام، بينما بدا على الحضور عدم الراحة لرؤيته. وذكرت في كلامي قول النبي ﷺ بأن تارك الصلاة كافر، ثم أشرت إلى الرجل السلفي وقلت عنه بأنه يدّعي بأنه مسلم، فتفاجأ الرجل. بعد أن سألته عن اسمه سألته إن كان يشكو من مرض، فنفى ذلك. فرددت: «هل أنت مستعد بأن تقسم على المصحف بأنك لا تشكو من مرضٍ في كليتك؟»، فأجاب هذه المرة مذهولاً بالإيجاب. ثم مضيت أسأله منذ متى لم يصلِّ صلاة الفجر، وذكّرته بأنني سأطلب منه أني يقسم على المصحف إذا لم يتوخَّ الصدق في جوابه. فأجاب بأنه لا يتذكّر آخر مرة صلى فيها صلاة الفجر وأنه لم يستيقظ يوماً ليصلّيها. فسألته عمن يعتقد أنبأني بهذا، فقال بأنه لا يدري، فأخبرته بأن حضرة الشيخ هو من ألقاه على قلبي. ثم سألته إن كان يعرف شيئاً عن الطريقة، فأجاب الرجل سلباً، فشرحت له عنها حتى تبلّلت لحيته من البكاء، وبلغ التأثر به أن قال لن يأخذ الطريقة لوحده، فذهب وعاد بزوجته وأخذا البيعة سويّة.
قبل إعطاء البيعة لمجموعة من الناس، لاحظت امرأة تريد الهمس في أذن زوجها، فبادرتها بالقول بأن لا ضير في الأمر وطلبت منها أن تجلس لتأخذ البيعة. فسألتني إن كنت أعلم الأمر، فأخبرتها بأني أعلم ما تريد قوله لزوجها وطلبت منها ثانية أن تجلس لأخذ البيعة. فأجابت بأنها مستعدّة بأن تأخذ البيعة ولكنها تريد أن أكشف عما كانت تريد قوله لزوجها، فأجبتها بأني سأخبرهما على انفراد. وبعد أخذهما للبيعة ناديتهما قريباً مني وقلت لها بأنها كانت تريد أن تقول لزوجها بأنها في «السبعة أيام»، وهذا تعبير يستخدمه الناس في الهند للإشارة إلى العادة الشهرية للمرأة. فوضعت يدها على وجهها وبكت تأثّراً بالكرامة.
كان من ثمرة كرامات الطريقة في تلك الجولة الإرشادية أن أخذ خمسة وخمسون شخصٌ بيعة الطريقة.
(38) رجل فقد جَدَّه
التاريخ: 11/9/2016
المكان: كانكا نگر – بنگلور – كارناتاكا
قبل مغادرتي للهند، جاء ثلاثة رجال لم يقابلهم من قبل للسلام علي. حين نظرت إلى أحدهم شاهدت اسم «غلام» مكتوباً على قميصه في موقع القلب، وكانت الكتابة واضحة جداً وعلى شكل تطريز. ولكن حين نظرت إليه مرّة أخرى لم أجد ذلك الاسم على قمصيه، فأدركت بأنه لم يكن مكتوباً فعلا وأن هذه كانت إشارة له من حضرة الشيخ. وبعد أن تبادلت السلام مع الزوّار الثلاثة سألت ذلك الرجل إن كان بين أفراد عائلته أو أجداده أحدٌ اسمه «غلام»، فأجاب الرجل بأنه جدّه اسمه غلام وأنه توفّى في اليوم السابق. واستطرد قائلاً بأن جدّه كان أحبّ أنسان إلى قلبه وأنه كان يفكّر به حين دخل لزيارتي، وأضاف بأنه عند دفن جدّه كان يتمنّى لو يعلم مكانته عند الله لأنه كان إنساناً صالحا ويساعد الناس. بعد هذه الكرامة، أخذ الرجال الثلاثة البيعة.
[1] هذه مرتبة روحية خاصة رفيعة جدا يحتلها شيخ واحد فقط في أي وقت.
[2] كان سارية بن زُنيم الدؤلي أحد قادة جيوش المسلمين. حين كان يوماً يقاتل في بلاد فارس تكاثر عليه الأعداء. وفي نفس ذلك الوقت كان الخليفة عمر بن الخطاب في المدينة يلقي خطبة الجمعة، وفجأة قطع خطبته لينادي من غير أن يدري لماذا: «يا سارية الجبل، الجبل». حين عاد سارية من الحرب قال للناس بأنه حين كان العدو قد تكاثر على المقاتلين المسلمين سمع صوتاً ينادي «يا سارية الجبل، الجبل» فالتجأ مع جنوده إلى سفح الجبل واستعملوه حاجزاً يحمي مؤخرة الجيش. وفعلا ساعدته هذه المناورة على دحر الأعداء.